Skip to content Skip to footer

مانجا كوكب اليابان: مفعول الصورة أقوى و أعمق و أقسى من كل الكلمات

المانجا كوكب اليابان
طارق الحجام

“توضيح قبل الغوص في التفاصيل:

المانجا: هي اللفظ الذي يطلقه اليابانيون على القصص المصورة، ويستخدم خارج اليابان للدلالة على القصص المصورة التي أنتجت في اليابان، أو القصص المصورة التي رسمت بنمط مشابه للنمط الياباني.

وقد يستعمل هذا اللفظ للإشارة إلى الصناعة المتعلقة بهذا الفن وكذا إلى الوسائل الإعلامية التي ينتشر عبرها (دوريات، مجلات، إلخ)،

كما أن أغلب الأنميات المشهورة التي نتابعها تبدأ كمانجا ثم تُحوّل إلى أنمي، كالمحقق كونان، وdeath note.

تعتبر المانغا ظاهرة اجتماعية في اليابان، تعالج كل المواضيع تقريباً (الرومانسية، المغامرات، الخيال العلمي، الكوميديا، إلخ) كما تتوجه إلى كل شرائح المجتمع على السواء.

وتعد من أنجح التجارب في مجال القصص المصورة على الصعيد العالمي، إذ أن عائدات المانغا الأسبوعية في اليابان، تعادل العائدات السنوية لصناعة القصص المصورة الأميركية, وذلك لكثرة الإقبال عليها.” بحسب ويكيبيديا.

 

في الحقيقة لستُ من مدمني المانجا، وربما لم أتعرف عليها سوى مؤخراً، لكنني أعجبتُ بالفكرة، كما أعُجب بها غيري، ولمستُ الآن كيف بدأت تلقى رواجاً أكبر في صفوفنا، فبعضنا يعشقون قراءتها، وبعضنا قفزوا إلى مرحلة متقدمة أكثر.. إلى محاولة صناعتها!

وبين صعوبة ذلك أو سهولته، وبين من حاولوا صنعها متأكدين من نيتهم أو من حاولوا ذلك في لحظة انبهار بمنتوجٍ شاهدوه وأحبوه فأرادوا أن يصنعوا منتوجهم الخاص.. بين هذا وذاك كله تساءلت:

 

لماذا المانجا؟ المانجا بالذات؟ ما الذي جعلها تكسب الاهتمام وتستحوذ على الجهود؟ لماذا نحاول أن نتعلم مجاهيلها وطرائق عرضها ورسمها؟

 

لا أدّعي هنا أنني سأجلب الجواب الدقيق والوحيد، ولكنه تفسيري الشخصي..

 

إنها المانجا لأنها الصورة!

 

كيف ذلك؟

 

لأن المانجا تعتمد بشكل رئيسي على الصورة، على المشهد المرسوم والمُصوَّر بأسلوب يحول السرد إلى واقع ورقي مُشاهَد،

في المانجا سيبذل الرسام كل جهده ليس في تعلم الرسم فحسب، بل بشكل أدق لتعلم إظهار الانفعالات المختلفة، فمتابع المانجا لا يقرأ وصفاً لحالة البطل سواء كان حزيناً أو سعيداً أو مندهشاً، الرسم يقول كل ذلك..

الرسم يجب أن يجعلك تفهم من لمحة ما يجري في القصة،

والصور في الحقيقة لغزٌ جذاب، وقع الجميع في سحره قديماً، ويسقطون إلى أعماق هذا السحر بشكل مكثف الآن ومع مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع مخصصة للصور بالذات.

الصورة الآن أصبحت ذات سلطة كبيرة،

حتى إن هناك عشرات الرموز التعبيرية في جميع مواقع التواصل خُصصت لتشرح عبر صورة صغيرة ما نريد

ابتسامة، عبوس، غضب، احمرار، خجل، انبهار… مشاعر إنسانية كثيرة، تختصرها الصور اليوم، تختزلها وتجسدها!

ستلاحظ مدى اكتساح الصورة لعالمنا إن عرفتَ ما يمكن أن تفعله صورة ما التقطت لشخص مهم ما وعرضت على الملأ بما تحتويه من أحداث جرت لحظة التقاطها سواء كانت تبعاتها سلبية أم إيجابية على صاحبها.

ستلاحظ مدى سيطرة الصور عندما تتصفح كثير من صفحات “الفيسبوك” مثالاً، فتجد أن كمية المتفاعلين مع منشور يطلب منهم التعبير عن مزاجهم بصورة يفوق بكثير كمية من يتفاعلون عندما تطلب منهم التعبير عن حالتهم بخاطرة.

ليس الجميع يكتبون، وليس الجميع يحبون الكتابة، ولكن الغالبية يشعرون بالصور!

 

انظر إلى أغلفة الكتب الحديثة، تجد مدى الاهتمام بتصميم غلاف إبداعي، انظر إلى محاولات الرسامين والمصممين لابتكار مفهوم جديد لصورهم.

انظر أيضاً إلى مفهوم أو ظاهرة المانجا الصامتة، عليك إيصال كل شيء دون أن تتكلم، دون أن تقول أي سطر.

 

هل ظاهرة الصور هذه إيجابية أم سلبية؟ في الحقيقة لا أعلم، ولكن..

أظنّ أن المانجا بإمكانها حل مشكلة العزوف عن القراءة أو عدم الرغبة بها، فالمانجا ليست كتاباً، وما ستقرؤوه فيها قليل “نسبياً” لكننا في المقابل لا نستطيع أن ننكر كونها مادة مرئية ومقروءة معاً،

من هنا ربما كان من المناسب أن يحاول من يبدأ بنشر مانجته الخاصة أن يجعلها ممتعة ومفيدة في آن ٍ واحد، فإن كانت تحتل كل هذا المساحة المهمّة فهذا يعني أنها يجب أن تُحوّل لوسيلة تثقيفية وتعليمية وتربوية (بأساليب مدروسة طبعاً، وليس أساليب وعظية أو جامدة)

العصر اليوم على ما يبدو هو عصر الصورة

و المانجا مجموعة صور ومشاهد مكدسة ومتراكمة..

لعلّنا في قادم الأيام سننجز ما يمكن أن يكون بذرة لمانجا عربية ستنمو بجهود عربية، وفكر عربي.