الصحة النفسية للطفل من الأمور التي يحرص الآباء والأمهات عليها من أجل تنشئة أبنائهم بشكل سليم وصحي قدر الإمكان، لكن تظل بعض الأخطاء التربوية التي قد يقترفونها دون قصد تؤثر سلبا على تنشهم.
وبالتالي فإن الاهتمام بالصحة النفسية للطفل لا تقل أهمية عن الجسدية، بل ربما تفوقها، حيث إن المشكلات النفسية تؤثر على واحد من كل عشرة أطفال في مراحل الطفولة المختلفة مثل القلق والاكتئاب واضطرابات السلوك المختلفة.
هفوات الأهل خلال تربية الطفل
من بين أبرز الهفوات تؤثر على الصحة النفسية للطفل:
-
الانتظار ليبلغ الطفل سنا معينا لإرشاده ظنا من الأهل أن الطفل لا يزال “صغيرا أو لا يفهم”
فالطفل مهما كان عمره يتعلم من خلال أدواته الخاصة التي يطوّرها مع نموه الجسدي والإدراكي والنفسي. وكلما تم استخدام تقنيات التربية الصحية مبكرا، ساعدنا الطفل على تطوير مهاراته بالتزامن مع نموه.
-
الاعتقاد أن الطفل في سن معين أصبح مدركا للسلوك المرغوب
فنعتقد أنه يعرف بنفسه التصرف المرغوب فيه والمنتظر أداؤه، كأن يكون عمره 5 سنوات وعندما يأكل تتسخ ملابسه والمكان حوله فيوبخه الأهل بكلام قاس من مثل “أصبحت كبيرا ولا تعرف كيف تأكل”.
فعندما نتأخر في تعليم الطفل طريقة الأكل السليمة ونتأخر بالسماح له بالأكل بنفسه لا يمكننا توقع أنه يعرف كيف يجب أن يأكل وما العوائق التي تساهم في اتساخ ملابسه والمكان. فعلينا توجيه الطفل للسلوك الذي نود تعديله كأن نعطي الطفل ملعقة مناسبة لفمه، وتوجيهه لتقليل كمية الطعام في الملعقة، والأكل بهدوء. ويجب إبعاد المؤثرات التي تشتت تركيزه كالألعاب والأجهزة الإلكترونية وإطفاء التلفاز أثناء تناول الطعام. علينا تذكر أن الطفل يتعلم بإرشاده.
-
مقارنة تطور مهاراته بأطفال آخرين من عمره
هذه الهفوة تسرق من الأهل فرصة الاستمتاع بمهارات الطفل، والعمل على تعزيزها وتقوية المهارات الأخرى، فيشعر الطفل أنه عاجز ولا يستطيع القيام بشيء، وأن الآخر أفضل منه، مما ينعكس على أدائه اليومي والمدرسي والاجتماعي. فهو لا يثق بنفسه وبقدراته.
على الأهل مداراته وتقدير مهاراته مهما كانت بسيطة، وتشجيعه وإشعاره أنهم فخورون به، ومساعدته بتقوية المهارات الأخرى، وهذا يعزز طاقته النفسية، وإلا فسينعكس ذلك سلبيا على قدراته وإمكانياته.
-
القيام بحاجاته عوضا عنه
بذريعة أنه صغير وأن مهاراته لا تكفي، نساعده في أبسط الأمور كارتداء ملابسه وأداء واجباته المدرسية، والدخول للمرحاض. فتراه دائما يطلب من أهله وحتى أقاربه القيام بأموره الخاصة مهما كانت بسيطة لأنه أصبح مؤمنا أنه لا يستطيع.
-
تغيير السلوك بتهديده بالحرمان
يجب إخبار الطفل أننا لم نحب تصرفه، ونشرح له لماذا، وإن كان سلوكا جديدا يجب معرفة ممن تعلمه لتوجيهه بشكل أفضل، مع ترك مساحة للطفل للتفكير بسلوك أفضل قبل مشاركته بالحلول.
كما يجب سؤال الطفل عن سبب قيامه بهذا السلوك تحديدا، مما يساعد الأهل على معرفة الأمور التي لا يستطيع الطفل إدارتها. وفيما يختص بالدعاء على الطفل أو النفس، فإنه مؤذٍ للطفل خاصة إذا حدث مكروه له أو للأهل فيشعر بالذنب.
-
تلبية طلبات الطفل كافة
قد يحدث هذا لأسباب منها: طفل وحيد، أو صغير المنزل، أو الطفل البكر، أو محبوب والديه والأهل، لإسكاته لأنه اعتاد تلبية رغباته دائما.
في الواقع يواجه الطفل منذ أشهره الأولى تحديات للتعامل مع مشاعر تزعجه. ومع حسن تعامل الأهل مع مشاعره يبدأ الطفل بتعلم كيف يفهم مشاعره وكيف يتعامل معها.
لذلك نجد الطفل دائما في نوبات بكاء يكسر أدوات وألعاب، أو يضرب أو غيرها من السلوكيات المؤذية وغير المرغوبة عندما لا تلبى رغباته لأنه اعتاد على توفّر ما يريده في اللحظة ذاتها والحصول عليها عندما يبكي لأنه غير معتاد على الانتظار أو على رفض طلباته بتاتا. فمن الطبيعي أن تحصل مواقف يرفض فيها الأهل طلبات أبنائهم، بل لا بد منها لنمو نفسي أفضل.
-
وجود مرجع آخر غير الأهل
في بعض العائلات، نجد أن الجد والجدة أو الأقارب يدخلون خط تربية الطفل دون قصد كتعبير عن محبتهم للطفل. فيعارضون قرار الأم أو الأب ويوجهون لهما بعض الملاحظات في أسلوب تربيتهما لأطفالهما تحديدا أمام الأطفال.
من المهم مشاركة الخبرات مع الأهل، ولكن ليس على مرأى ومسمع الطفل، فهذا يؤثر على الصحة النفسية للطفل وصورة الأهل لدى الطفل. فالتدخل و”كسر كلام أحد الأبوين” يفقد الأهل خصوصية المرجعية لأطفالهم، مما يجعل الطفل في حيرة من هو المرجع؟! لذلك يجب الحرص على أن لا يتدخل أحد من عائلتي الوالدين في تربية الطفل إلا في حالات استثنائية.
-
النظام والضوابط
يظن البعض أن الطفل يسعد بتركه يقود يومياته وينفذ كل ما يريد دون العودة للأهل. ولكنه بحاجة لنظام يضعه الأهل لتنظيم وقت طعامه ولعبه ودراسته. وبحاجة لأخذ موافقة الأهل على أمور يرغب في القيام بها، ليتعلم احترام مراجع السلطة والآخرين.
فبلا سلطة الأهل لا يمكنه وضع روتين ليومه ولا احترام الأنظمة وأخذ المشورة، وقد يعرض نفسه للخطر لأنه لم يعتد العودة لأهله لتوجيهه وأخذ رأيهم.
-
تصحيح الهفوات
لا يمكن معرفة التأثير الحتمي لأي هفوة يقع فيها الأهل خلال رحلة تربية الطفل، وهفوة واحدة لا تعني حتمية افتقار الطفل لمهارة ما، وإنما يكون عرضة لها. ويجب تصحيح أي هفوة عند الانتباه لها.
كيف تبني لطفلك “نفسيةً” سليمة؟
من الأفضل مساعدته على تطوير مهارات جيدة للتعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى خصال 3 مترابطة هي: القدرة على التصرف، والكفاءة، والثقة بالنفس.
فالطفل الذي يحسن التصرف والمبادرة يشعر بأنه قادر على التعبير عما يعتقده فعلا، وبأنه قادر على قول “نعم” مثلما يستطيع قول “لا”.
ثم إن القدرة على التصرف والكفاءة يشيعان ثقة بالنفس بشكل صحي، مما يضفي على الطفل شعورا إيجابيا عن نفسه وقدرته على ممارسة حياته بالطريقة التي تناسبها.
ملحوظة :
نحن لسنا أطباء، يؤكد فريق “librabuzz” على أهمّية مراجعة طبيب مختص.